نيتشه والحلقة المفرغة
5.000 دك
كانَ نيتشه ضحيّةً لأمراضِ مُتنوّعةٍ لذلك كانَ يخشى دائمًا أن يؤثّر تفكيرُهُ الخاصُّ على حالاتِ انهيارِه، وقد بدا ذلك بالتّحديدِ دافعا لإخضاع كلّ ما أنتجه المفكّرون قبله لقراءةٍ من هذه الزّاوية بالذّات: كيف كانت علاقتهم بالحياةِ وبالكائنِ الحيّ وبمختلفِ درجةِ ارتفاعِ نشاطهم أو انخفاضها وفقًا لكلّ أشكالِ عدوانيّتهم أو تسامحهم أو رهبتهم أو توتّرهم أو حاجتهم للوحدةِ أو لعكسها، كيف كانوا يترجمون حاجتهم إلى نسيانِ أنفسهم في غمرة غليان العصر الّذي عاشوا في خضمّه؟
ومن هنا أصبحَ ينظر إلى أيّ أخلاقٍ على أنّها «الفيروس الميتافيزيقيّ» الّذي يصيبُ الفكر والعلم معًا، كما أصبحَ يرى في كلّ مكانٍ «فلاسفَةً جاثمينَ على ركبهم وعِلْمًا جاثمًا على ركبتيْهِ» أمام واقعٍ خاضعٍ لانتقاءٍ طبيعيٍّ على عكسِ ما كانَ يحاول داروين إثباته: «… إنّي أرى في كلِّ مكانٍ أولئكَ الّذين يُعرّضونَ الحياةَ وقيمةَ الحياةِ إلى الخطرِ لا أكثر، أراهم في أعلى المراتبِ ينعمونَ برغد العيْشِ.» وحدهُم البسطاءُ من يبلغونَ أواخرَ الطّبيعةِ المفرطةِ ذاتِ الدّفقِ الّذي يمثّلُ تهديدًا لأمنِ الأنواعِ. ثمّة قوّتانِ متفرّعتانِ عن ذلك إذن: تلك القوّةُ الّتي تسعى إلى التّسويَةِ مع فكرِ القطيعِ والقوّة الثّانية المثيرةِ لحالاتٍ استثنائيّةٍ.
غير متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.