وبعد…فهذا خِتامُ ما كتبَهُ “شمعون بن زخاري”، والملقب بشَمْعون المَصْري، عن أخبارِ بني إسرائيل في برية سين، وما كان من أمرِهم منذ عبور البحر وحتى وفاة موسى بن عمران. وأعلم أنيما كتبتفي هذه الرقاع إلا أحَدَ أمرين، أمر شهدته بعيني أو أمر سمعته من رجل من الرجال الثِّقات. وأُشِهد الربَّ (إيل)، أني ما بغيْتُ بهذا الكتاب مجدًا ولا شرفًا، وإنما إظهار شهادتي على جيل من شعب بني إسرائيل، اصطفاه الله وأنجاه بمعجزة من عدوِّه، ثم غضب عليه وأهلكه في تلك البرية القفراء، بعد أن أذاقه شقاء الارتحال ومرارة التيه. هذا كتاب لا أدري من سيكون قارئه، فأيًا من تكن أرجو أن تتذكر كاتب هذه الأبواب بالرحمة وأن تَدعو له بالغفران“شمعون بن زخاري بن رأوبين الملقب بشمعون المصريتم في الليلة الأخيرة من الشهر الثامن لسنة ستين بعد الخروج.
عدد الصفحات : ٦٤٠
دار الوراق
ارتفع جذعُ النَّخلة الذي شُدَّ إليه جسدُه نحو السماء.
إنسانٌ خاطئ محملٌ بالخزي، لا يبحثُ عن الخلاصِ لنفسه أو لغيره. يرنو من فوق صليبه إلى أرضٍ كان يتمنى أن يرى أثرَ أقدامه عليها، فتعلقت أقدامُه في الهواء، وتعلوه سماء لا مكان له فيها، بعد أن صار ملعونًا بشهادة الجميع، مسلمين، ومسيحيين، سُنَّة، وشيعة، روم وقبط. عاش حياته مرتديًا ثوب الشك، واليوم يموت ولديه يقين واحد، أن الحياة عبث لا تستحق أن تعاش، والإنسان في هذه الحياة كخيال الظِلّ، فهل هناك أثرٌ لخيال ؟
هذه الرواية ليست مجرد نصّ يحكي عن فترة حرجة من تاريخ مصر، تميزت بالصراع القومي والمذهبي والعرقي في نهايات الدولة الفاطمية، وإنما تجربة إنسانية شاملة للبحث عن الهويّة بين عشرات الانتماءات التي تفرّقها.
دار الرواق