لكي يتمكن إيرفنج ستون من كتابة هذه الرواية الفريدة والممتعة عن حياة الفنان فان جوخ، كان عليه أن يقرأ المجلدات الثلاثة التي تضمنت رسائل فان جوخ إلى أخيه ثيو. وحتى يتسنى له اقتفاء أثر الفنان، والتحري عن حياته، بدا كما لو كان متلصصًا، يختلس أخبار فان جوخ في مسيرته بين البلدان الثلاث (هولندا وبلجيكا وفرنسا)، إذ يسافر وراءه لا للبحث عن حكايته التي أصبحت متداولة، ويعرف عنها القاصي والداني الكثير والكثير، وإنما للبحث عن حكاية أخرى مليئة بالشغف فيما وراء الحكاية.
لم يجد ستون ذلك كافيًا، بل لجأ إلى سرد أحداث لم تكن معلنة، وفشل فشلاً ذريعًا في إمكانية توثيق بعضها؛ مثل المقابلة التي تمت بين فان جوخ وسيزان في باريس. كان ستون شجاعًا في لجوئه إلى الخيال من أجل رصد كل ما هو حقيقي في حياة فان جوخ، لكي يؤكد لنا أن الروائي لا يستطيع الهروب من مصيره في استخدام الكذب من أجل قول الحقيقة.
لذا لا يستطيع القارئ الذي ينتهي من قراءة هذا العمل أن يفرق بين ما حدث وما لم يحدث، لأن هذه الرواية تحكي قصة واحد من أعظم الفنانين التشكيليين كما لم يحدث من قبل.
عدد الصفحات : ٥٣٥