يقول المترجم في مقدمة الكتاب: هذا عمل ظاهره سيرة ذاتية، وباطنه كشف حساب مع النفس. تتأمل المحللة النفسية لو أندرياس سالومي مشوار حياتها، وتعيد اكتشاف حقيقة علاقتها بالله والحب والموت والحياة، عبر سرد علاقتها بثلاثة من أهم أعلام الفكر الغربي، نيتشه، فرويد، وريلكه.
وتقول المحللة النفسية لو سالومي فى كتابها: واقع الأمر أني رأيت إنسانًا آخر واقفًا أمامي، لم أستطع تبين ملامحه تحت هالة القداسة التي أضفيتها عليه. برغم ذلك، أقول: إن الصواب لم يجانبني لما خلعت عليه صفة القداسة، فبرغم كل شيء كان هو الشخص الذي أدين له بالفضل، وكان هو الشخص الذى كنت أحتاج إلى وجوده، وإلى أثره، كما أعثر على ذاتي الحقيقية، وقد تجلت هذه العلاقة المزدوجة، أي كونه حبيبًا ومرادفًا، في أنني لم أرفع الكلفة بيننا قط، وطول حياتي كانت المخاطبة بصيغة الاحترام "حضرتك" مرادفة للحميمية والألفة، أما المخاطبة بصيغة "أنت" فمرادفة لمخاطبة من هم أقل أهمية.
في الواقع، ليس يُشك في أن المرأة الشابة فائقة الجمال قد تركت انطباعاً قوياً في "فيلسوف العزلة" البالغ من العمر آنذاك السابعة والثلاثين؛ انطباعٌ دفعه إلى التقدم لخطبتها بعد لقائهما مباشرةً وقبل مغادرته روما، ولكن الشابة ارتأت تأجيل الرد. في ثاني لقاء بينهما، تسلق نيتشه والشابة جبل ساكرو في روما معاً، وبينما كانا في طريقهما إلى النزول، شعر الفيلسوف بنشوةٍ عميقةٍ وشكر رفيقته فيما بعد لـ (الحلم الأكثر سحراً وفتنةً في حياتي/ــه).
قالت (لو) مرةً لنيتشه: «إن حواراتنا وأحاديثنا تقودنا لاإرادياً إلى الهاوية .. بينما يتولد الانطباع لديك أنك تتسلق منعزلاً إلى نقطة مراقبةٍ تنظر منها إلى الأعماق». ومن هذا الفهم العميق والدقيق للمشهد السايكولوجي الممتد في حياة نيتشه الداخلية انطلقت (لو) لتكتب هذا الكتاب الذي قدمت فيه صورةً نفسيةً نقديةً بقدر ما هي متعاطفةً، للفيلسوف الذي شاطرته صراحته مثلما لم يشاطره أحدٌ آخر.
عدد الصفحات : ٢٤٠