يعجب بعض الناس للمشتغلين بدرس آراء الأقدمين، وبحث مناهج المتقدمين، والوقوف على أخبارهم، والأخذ بالصحيح من تراجمهم. وسبب هذا العجب ظنهم أن كل قديم قد عفت آثاره، وانقطعت علاقته بهذا الزمن وأهله، فلا فائدة في تضييع العمر في التحري عن العتيق ما دامت الحاجة بالجديد ماسة، والنفع به مؤكدًا. وجوابنا على هذا هو: أن البحث في القديم ضروري لمعرفة الجديد وتفهمه، وأن حياة الفكر الإنساني منذ فجر الإدراك إلى آخر الدهر (إن كان لهذا الدهر آخر) سلسلة واحدة متصل أولها بوسطها بآخرها، وقد يكون آخرها كأولها! لأجل هذا اتجه نظرنا إلى درس فلاسفة العرب لأنهم عنوا أشد عناية بفلسفة اليونان، وتفرغوا لها، ونقلوها إلى لغتهم، وشرحوها وفسروها، وعلقوا عليها ووضحوا غامضها وأبانوا مبهمها.
دار أقلام عربية
لم يكن «ناپوليون بونابرت» مجرد قائد عسكري فذ، جاب المشرق العربي بحثًا عن طموحه العسكري، وتوغل في جيوب أوروبا لبسط سيطرته وتأمين بلاده فقط، بل كان صاحب نظرية وفلسفة حياتية أعطت لشخصيته القتالية طابعًا فريدًا، وجعلته جديرًا أن يكون أحد أهم القادة العسكريين الفاعلين في التاريخ الإنساني. ولم تكن نظرياته وفلسفاته محصورة في جانب دون غيره، فتجده يُعنى بإصلاح التعليم، وتطوير الجيوش، وتدعيم الصناعات، بل تطرق للفلسفات الدينية وعبَّر عن معتقداته الشخصية التي يؤمن بها، فعبَّر عن هذا كله في صورة أقوال مأثورة جمعها الأستاذ «محمد لطفي جمعة» الكاتب المصري، وترجمها ليضع بين أيدينا أحد أهم التجارب، لأحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل.
عدد الصفحات : ١٢٤