يروي لنا الروائي الألماني هيرمان هيسه -بأسلوبه البديع المتميز قصة فنان مبدع، احتمى بفنه في مواجهة مصير قاس أصابه في أعز وأحب الناس إليه، وأحال حياته إلى كرب رهيب متواصل فتعايش معه بنبل وسمو، ونكران للذات، وأحاله إلى روائع فنيه تُجمل حياتنا وتسمو بها.
سفرٌ روحي فلسفي يغوص بعمق في طيات باطنية من التفكر العقلي الذي يجعلنا نتغيّر بعد الوصول إلى النهاية. سترى عزيزي القارئ بعد إتمام رائعة هيرمان هسه بأنك أجمل، وأن العالم يستحق أن تجعل منه مكاناً أفضل عبر الإنصات المهيب لروحه وهي تبث رسائلها لكل ذات مرهفة. رحلة سد هارتا بحثاً عن سر الحياة والنفس هي رحلتك أيضاً وأنت تبحث عن أسرار الوجود، وستتذكر ذلك وأنت تغوص مع البطل في حواراته الداخلية أو مع صديقيه. وسيدهشك كيف اتبع البطل سؤال روحه وارتحل لاكتشاف سلامها الداخلي الذي لا يأتي إلا بعد التجارب الجسيمة. لغة صافية بسيطة وعميقة سطرها الروائي البارع هسه جعلت الرواية من أكثر أعماله نجاحاً وتأثيراً.
سدهارتا .. الباحث عن الحقيقة.. السعادة .. الراحة.. سر الكون والحياة .. لا يهمني ماذا توصّل إليه سدهارتا، وكيف أنهى حياته.. يهمني تلك الرحلة التي عاشها ونذر حياته لها، ما أجمل أن تعيش حياتك باحثًا دومًا فما أجمل تلك العبارة التي وجهها لغوفندا في حديثهم الأخير : (عندما يكون المرء في حالة البحث يحدث بسهولة أن لا يرى إلا الشيء الذي يبحث عنه، وأن يعجز عن العثور على أي شيء، أو عن الاستغراق في أي شيء لأنه لا يفكر إلا في الشيء الذي يبحث عنه. البحث يعني أن يكون لك هدف. ولكن العثور يعني التحرر، أن تصبح قابلا للتلقي، أن لا يكون لك هدف. وربما كنت -يا مبجل- باحثا فعلا وأنك في بحثك وسعيك نحو هدفك لا ترى أشياء كثيرة هي تحت بصرك).