عرض جميع النتائج 5
التبر
3.500 دك
لا تودع قلبك في مكان غير السماء. إذا أودعته عند مخلوق على الأرض طالته يد العباد وحرقته. والشيخ لا يرهن قلبه. لم يرهنه قط. لم يتزوج ولم يلد ولم يربِّ قطعان الأغنام أو الإبل. ربما كان هذا هو سبب تحرره من الهم. لم يره غاضبا. ولم يره ضاحكًا. ابتسامة واحدة، ثابتة، مطبوعة على شفتيه. وها هو الآن يقف على حكمته . عادت الاستغاثة تشق سكون الصحراء، وتتردد في كل السلسلة الجبلية: «آ-آ-آ-ع-ع-ع…» غزت أنفه موجة جديدة من الشياط. حملتها إلى قبره نسمة شمالية لافحة فاحترق قلبه. أزاح الأحجار التي تسد الشق فأعماه النور. زحف على أربع مغمض العينين. رائحة الشياط تشتد. تمتزج بالنسيم اللافح وبرائحة الحطب والدخان. رآهم يتكأكؤون حوله عند السفح. بعضهم يشده بالحبال والبعض ينشغل في تحمية السكاكين والمدى في الموقد المشتعل.
عدد الصفحات : ١٣٠
الورم
3.000 دك
تسلط البذر في سماء عارية، فاستسلمت الصحراء، واستجابت الكائنات بالصمت، ابتهاجا بأفياض الضياء، وربما استغراقا في ممارسة الصلاة، صمت مريب ينبئ بالعدم، كأن لا وجود لخليقة في الصخراء، بل كأن لا وجود للصحراء، أو كأنه السكون الذي سبق ميلاد الكائنات، بل سبق ميلاد الصحراء.استشعر في ذلك المساء لذة غامضة، لذة لم يعرفها منذ الطفولة، لأنها كانت الزمن الوحيد الذي عرف فيه الاستسلام للشكون، والرحيل إلى السماء المرضعة بحشود النجوم، الرحيل الذي سيدرك فيها بعد أنه هو ما يلقبه العقلاء وأصحاب الكهانة باسم التأمل، هذه اللفظة الصغيرة التي لا ينطقونها إلا بمراسم الإجلال الشديد، ويعلقون عليها آمالا خفية دائما. فقال بصوت ما زالت تخنقه العبرة:- إن استنطاق الأبرياء شهادة خلاصي.
عدد الصفحات : ١٩٠
بيت في الدنيا وبيت في الحنين
5.000 دك
كان يروض بناي القصب لحناً عصياً من لحون الحنين في خلوة المساء عندما باغته حكيم الجن. لوعته الوحشة في عزلة المراعي، فخاض في أوحال المستنقع المتخلف عن غدران السيول ليستقطع من عيدان القصب ساقاً دبر منه ناياً لئيماً نعته حكماء الدعاة فقالوا أنه الآلة الوحيدة في الصحراء التي استطاعت أن تحتال على الخفاء، وتستجدي من أركانه معشوقاً اسمه الحنين. قبل أن يعارك ساق القصب لاستدراج الحنين، احتال على المجهول، وحاول طويلا أن يستدرج الحنين بالصوت، بالأغاني، ولكنه أخفق دائماً، فلم يجد مفراً، للتنفيس عن كربته، غير الدموع استلقى على قفاه مراراً، عقب كل إخفاق، وتطلع إلى السماء اللامبالية بعينين مغمورتين بالدموع، فلا يكتشف أنه غاب في الرحاب أكثر مما ينبغي إلا عندما تلسعه شمس الصباح بسياطها النارية، فيجد أن غيبته لم تستغرق الليل كله وحسب، ولكنها استقطعت نصيباً من نهار الأمس أيضاً. وكان كثيراً ما يتساءل عن سر الإغفاءة، لأن أحداً لم يخبره يوماً أن الهم إذا زاد عن الحد يمكن أن يكون سبباً لذلك الجنس من الإغماء. كما لم تستثر الدموع في مقلتيه دهشته أيضاً، لأنه لم يذكر نفسه إلا باكياً: إذا استصغره الأغيار بكى، وإذا استكبروه أيضاً بكى، وإذا أبصر الفراخ الجرداء في أعشاش الطير زعزعه الشوق وبكى. ولكن لا يبكيه شيء كما تبكيه اللامبالاة القاسية في معشوقتيه الخالدتين: السماء وقرنيتها السفلى الصحراء! عاهد نفسه أن يحتمل كل شيء، ولكنه أخفق دائماً في الصدد أمام مرأى الصحراء ومرأى السماء، فكان يغسل مقلتيه بأنبل وأحر أصناف الدمع مع مطلع كل شمس، لأن سليل الصحراء، ومعشوقته الأخرى السماء، لا بد أن يصير البكاء له قدراً. تستهويك حكاياته، تمتطي مع سردياته غيمات ترحل بك عبر سماوات الخيال تسكن روحك هناك منتشية بسحر الإبداع الأدبي.
عدد الصفحات :٤٠٠
سلفيوم
6.000 دك
يواصل الروائي الكبير إبراهيم الكوني ملحمته الوجودية عن الهجرة بإصداره الروائي الجديد “سلفيوم”، عن دار سؤال البيروتية، والذي أوغل فيه الكُوني بعيداً في حضارات العالم القديم، مستلاً من أرواح القرن السابع قبل الميلاد أنوالاً حريرية رفيعة ناسجاً منها برهافة صوفية إشراقية، وبلحون شعرية فياضة بالوجد والحكمة، حبكة روائية بديعة تتجلى فيها أعماق الروح الإنسانية في تلك القرون البعيدة، وصراعها الملحمي الكبير في معركة الوجود والفناء.
عدد الصفحات : ٢٤٨
نداء ماكان بعيدا
5.000 دك
تنفتح الرواية على مشهد يرحل القارئ من خلاله إلى عالم الصحراء المسكون بحكايا غريبة، وبأساطير تثير الخيال، وبرموز تستفز الذهن للبحث عن مدلولاتها. يمضي القارئ بشغف مع مفتاح القصبة الذي يمثل منطلقاً اتخذه الروائي ليكون محوراً لحكايته، والمتمثل بالخبيئة الأولى التي أخرجها الباشا (الشخصية المحورية) من جيبه وهي التي فركت يديها فوق رأسه لتقول له بصوت سمعه بوضوح: "ما يهمني هو عقبك! لقد خلقت لكي تسحق رأسي بعقبك، وخلقت كي ألدغ عقبك". تتناوب الأحداث إلا أن هذا ظل يتردد صداه في نفس الباشا، ويمضي باحثاً عن سبيل يقي من خلاله به عقبه من تلك اللعنة، لينتهي المشهد على صورة الباشا الذي أصيب من جراء ذلك بعلل مختلفة إذ أصبح أعمى ومصاباً بصداع دائم، ينتهي المشهد على صورة الباشا الذي قرر تخليص عقبه من لعنة الأفعى بفدائه بحياته، من خلال إطلاقه بضع طلقات نارية ينهي بها حياته
عدد الصفحات : ٤٨٠