هو ذا كتابٌ شاهدٌ. وأوّل ما يشهد به هو أنّ «التّفلسف في إفريقيا»، أو بالأحرى التّفلسف انطلاقًا من إفريقيا، اليومَ، حقلٌ ما انفكّ يتّسع. ولا يستند إقرارنا بهذا الاتّساع استنادًا إلى المنشورات الدّالة عليه فحسب، وإنّما أيضًا إلى نوعيّة الأعمال المرجعيّة الّتي باتت تُحدِّد ملامحَه. ولنا فيما قام به الفيلسوف الغاني كواسي ويردو Kwasi Wiredu مثل على ذلك، حين جَمع، منذ بضع سنواتٍ، فريقًا من الفلاسفة الأفارقة، مُعظمهم يدرِّس في جامعات أمريكيّة، حولَ عملٍ يقيِّم مختلفَ الموضوعات، والاتّجاهات، والإشكاليات الّتي يُعنى بها التفكيرُ الفلسفي في إفريقيا، كما يبرِز جغرافيّةَ هذا التفكير وتاريخَه. وهو عملٌ حمل عنوان A Companion to African Philosophy، ونشرته دار بلاكويل سنة 2004. ولنا، كذلك، أن نذكر «موسوعة الفكر الإفريقي»، The Oxford Encyclopedia of African Thought، التي نُشرت سنة 2010، بإشراف المفكّرَين النيجيريّين أبيولا إريلي Abiola Irele وبيودون جييفو Biodun Jeyifo، ضمن منشورات أكسفورد الجامعيّة، دون أن نغفل عديدَ الأنطولوجيات، ونخصّ منها بالذّكر واحدةً تتميّز بالأصالة والفرادة، وسترى النّور قريبًا تحت عنوان Listening to Ourselves: A Multilingual Anthology of African Philosophy، من منشورات Suny. ويتعلّق الأمر بعملٍ متعدّد اللّغات، يعمد فيه سبعةُ فلاسفةٍ أفارقة إلى التفكير في موضوعاتٍ متعدّدة بواسطة الألسن الإفريقيّة التي يتكلّمون بها، وتقابلُ كلَّ نصٍّ من النّصوص ترجمةٌ إنجليزية، يضطلع بها شخصٌ آخر غير المؤلّف. لقد كتبت سفرين كودجو غرانفو كتابها فلاسفة أفارقة آخذةً بعين الاعتبار المتن الأدبيّ المهمّ المكتوب باللّغة الإنجليزيّة في هذا المجال. ويوجّهنا كتابها إلى ضرورة باتت ملحَّةً اليومَ، وهي أن نوحّدَ، على مستوى التّفكير، مختلفَ الآداب التي تفرّقها الحدودُ اللّغويّة الموروثة عن الاستعمار، لاسيما منها الحدود التي تفصل إفريقيا الفرنكوفونية عن إفريقيا الأنجلوفونيّة.
![]() |
دار روايات |
---|
منتجات ذات صلة
أوهام العقل
العقل والوجود
المغالطات المنطقية : فصول في المنطق غير الصوري
تاريخ الفلسفة اليونانية
تاريخ الفلسفة في الإسلام
سؤال الحب من تولستوي إلى أينشتاين
نظريات الثقافة في أزمنة مابعد الحداثة
نيتشه – زارادشت : الإبداع بين الحرية واللاوعي
بقدر ما تكون متماهيًا مع لاوعيك تكون مبدع العالم، وعندئذ يمكنك أن تقول: «هذه ذاتي».
إذا قلت هذا نوري، يكون ذلك صحيحًا إلى حد معين: إنه في دماغك، وأنت ما كنت سترى ذاك النور لو لم تكن واعيًا له مع ذلك؛ فإنك ترتكب خطأ كبيرًا عندما تقول إن النور ليس سوى ما تنتجه أنت سيكون ذلك إنكارًا لواقع العالم.
بقدر ما تكون واعياً له، يكون ملكك، لكن الشيء الذي يجعلك تمتلك فكرة عما يصبح ما تدعوه بـ «الضوء» أو «الصوت» ذلك ليس ملكك ذاك بالضبط هو ما لا تمتلكه أنت، شيء من الخارج المجهول العظيم.
لذا فعندما يقول نيتشه، «هذه فكرتي، تلك الهوة السحيقة لي، إنها له فقط بقدر ما يمتلك كلمة لأجلها، بقدر ما يصنع تمثيلاً لها، لكن الشيء نفسه ليس له.
تلك حقيقة، ولا يمكنك أبدًا أن تدعوها بحقيقتك الخاصة.
أنت عالم كامل من الأشياء، وهي كلها مختلطة فيك، وتشكل مزيجًا رهيبًا، عماء؛ لذا ينبغي أن تكون سعيدًا جدًّا عندما يختار اللاوعي صورًا معينة ويدمجها خارج ذاتك.
الآن عندما يرى نيتشه الجانب السلطوي للأشياء، وهذا الجانب لا يمكن إنكاره؛ فإنه محق تمامًا بقدر ما يوجد سوء استخدام للسلطة.
لكنه إذا رآه في كل مكان في نواة كل شيء، إذا تسلل بوصفه سر الحياة حتى إذا رآه بوصفه إرادة الكينونة والخلق، فإنه يرتكب عندئذ خطأ كبيرًا.
عندئذ يكون معميًّا بعقدته الخاصة؛ لأنه يكون الإنسان الذي يمتلك مشاعر دونية، من ناحية أولى، ومن ناحية أخرى لديه عقدة سلطة ضخمة، فماذا كان نيتشه الإنسان في الواقع؟
كتاب نيتشه – زراديشت؛ الإبداع بين الحرية واللاوعي
عدد الصفحات :492
كارل يونغ
دار الحوار
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.