نيتشه والحلقة المفرغة
5.000 دك
كانَ نيتشه ضحيّةً لأمراضِ مُتنوّعةٍ لذلك كانَ يخشى دائمًا أن يؤثّر تفكيرُهُ الخاصُّ على حالاتِ انهيارِه، وقد بدا ذلك بالتّحديدِ دافعا لإخضاع كلّ ما أنتجه المفكّرون قبله لقراءةٍ من هذه الزّاوية بالذّات: كيف كانت علاقتهم بالحياةِ وبالكائنِ الحيّ وبمختلفِ درجةِ ارتفاعِ نشاطهم أو انخفاضها وفقًا لكلّ أشكالِ عدوانيّتهم أو تسامحهم أو رهبتهم أو توتّرهم أو حاجتهم للوحدةِ أو لعكسها، كيف كانوا يترجمون حاجتهم إلى نسيانِ أنفسهم في غمرة غليان العصر الّذي عاشوا في خضمّه؟
ومن هنا أصبحَ ينظر إلى أيّ أخلاقٍ على أنّها «الفيروس الميتافيزيقيّ» الّذي يصيبُ الفكر والعلم معًا، كما أصبحَ يرى في كلّ مكانٍ «فلاسفَةً جاثمينَ على ركبهم وعِلْمًا جاثمًا على ركبتيْهِ» أمام واقعٍ خاضعٍ لانتقاءٍ طبيعيٍّ على عكسِ ما كانَ يحاول داروين إثباته: «… إنّي أرى في كلِّ مكانٍ أولئكَ الّذين يُعرّضونَ الحياةَ وقيمةَ الحياةِ إلى الخطرِ لا أكثر، أراهم في أعلى المراتبِ ينعمونَ برغد العيْشِ.» وحدهُم البسطاءُ من يبلغونَ أواخرَ الطّبيعةِ المفرطةِ ذاتِ الدّفقِ الّذي يمثّلُ تهديدًا لأمنِ الأنواعِ. ثمّة قوّتانِ متفرّعتانِ عن ذلك إذن: تلك القوّةُ الّتي تسعى إلى التّسويَةِ مع فكرِ القطيعِ والقوّة الثّانية المثيرةِ لحالاتٍ استثنائيّةٍ.
متوفر في المخزون
منتجات ذات صلة
أوهام العقل
التدين العقلاني
تاريخ الفلسفة الحديثة : من القرن الخامس عشر حتى القرن الثامن عشر
تاريخ الفلسفة في الإسلام
حيونة الإنسان
نيتشه – زارادشت : الإبداع بين الحرية واللاوعي
بقدر ما تكون متماهيًا مع لاوعيك تكون مبدع العالم، وعندئذ يمكنك أن تقول: «هذه ذاتي».
إذا قلت هذا نوري، يكون ذلك صحيحًا إلى حد معين: إنه في دماغك، وأنت ما كنت سترى ذاك النور لو لم تكن واعيًا له مع ذلك؛ فإنك ترتكب خطأ كبيرًا عندما تقول إن النور ليس سوى ما تنتجه أنت سيكون ذلك إنكارًا لواقع العالم.
بقدر ما تكون واعياً له، يكون ملكك، لكن الشيء الذي يجعلك تمتلك فكرة عما يصبح ما تدعوه بـ «الضوء» أو «الصوت» ذلك ليس ملكك ذاك بالضبط هو ما لا تمتلكه أنت، شيء من الخارج المجهول العظيم.
لذا فعندما يقول نيتشه، «هذه فكرتي، تلك الهوة السحيقة لي، إنها له فقط بقدر ما يمتلك كلمة لأجلها، بقدر ما يصنع تمثيلاً لها، لكن الشيء نفسه ليس له.
تلك حقيقة، ولا يمكنك أبدًا أن تدعوها بحقيقتك الخاصة.
أنت عالم كامل من الأشياء، وهي كلها مختلطة فيك، وتشكل مزيجًا رهيبًا، عماء؛ لذا ينبغي أن تكون سعيدًا جدًّا عندما يختار اللاوعي صورًا معينة ويدمجها خارج ذاتك.
الآن عندما يرى نيتشه الجانب السلطوي للأشياء، وهذا الجانب لا يمكن إنكاره؛ فإنه محق تمامًا بقدر ما يوجد سوء استخدام للسلطة.
لكنه إذا رآه في كل مكان في نواة كل شيء، إذا تسلل بوصفه سر الحياة حتى إذا رآه بوصفه إرادة الكينونة والخلق، فإنه يرتكب عندئذ خطأ كبيرًا.
عندئذ يكون معميًّا بعقدته الخاصة؛ لأنه يكون الإنسان الذي يمتلك مشاعر دونية، من ناحية أولى، ومن ناحية أخرى لديه عقدة سلطة ضخمة، فماذا كان نيتشه الإنسان في الواقع؟
كتاب نيتشه – زراديشت؛ الإبداع بين الحرية واللاوعي
عدد الصفحات :492
كارل يونغ
دار الحوار
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.