نيتشه والفلسفة
4.000 دك
يكمن المشروع العام لنيتشه في ما يلي: إدخال مفهوميّ المعنى والقيمة sens et valeur على الفلسفة. لم يخف نيتشه أبداً بأنه كان على فلسفة المعنى والقيم أن تكون نقدا une critique. وبأن كانط Kant لم ينجز النقد الحقيقي، لأنه لم يكن يعرف كيفية طرح مشكلته عبر مفردات القيم، وهذا ما يُشكل أحد الدوافع الرئيسية لعمل نيتشه. ومع ذلك، حدث وأن أنتجت نظرية القيم، في الفلسفة الحديثة، امتثالاً وخضوعاً جديدين. فحتى الفينومنولجيةphénoménologie قد ساهمت، عبر جهازها، بوضع الإلهام النيتشوي، الحاضر غالباً فيها، في خدمة الامتثال المعاصر. لكن عندما يتعلق الأمر بنيتشه، علينا أن ننطلق، على العكس من ذلك، من الحقيقة التالية: أن فلسفة القيم، بالطريقة التي أدركها وبناها بها، هي الإنجاز الحقيقي للنقد، الطريقة الوحيدة التي يمكن بفضلها تحقيق النقد الكلي critique totale، أي عمل الفلسفة بـ “ضربات المعول”. تنطوي فلسفة القيم، في الحقيقة، على انقلاب نقدي renversement critique. من جانب، تظهر القيم أو تمنح نفسها كونها مبادىء principes: يفترضُ التقييم وجود القيم التي يشرع انطلاقاُ منها في تقييم الظواهر. لكن، من جانب آخر وبعمق أكبر، القيم هي ذاتها التي تفترض التقييمات، “وجهات نظر التقييم”، الذي تنحدر عنه قيمتها هي بالذات. أن المشكلة النقدية هي التالية: قيمة القيم la valeur des valeurs، التقييم الذي تصدر عنه قيمتها، أي مشكلة خلقها leur création. يتحدد التقييم باعتباره العنصر المفارق l’élément différentiel للقيم التي تتناظر معه: عنصر نقدي وإبداعي في آن معاً. ذلك لأن التقييمات، حين تحال نحو عنصرها، تكف عن أن تكون قيم، لتصبح طرق وجود manières d’être، أنماط وجود لؤلئك الذين يحكمون ويقيمون، أي يتم استخدامها بالدقة كونها مبادىء قيم يحكمون بفضلها. لهذا نتمتع دائماً بأنواع الإيمان، العواطف، والأفكار التي تليق بنا وفقاً لطريقتنا في الوجود وأسلوبنا في الحياة notre style de vie
نيتشه والفلسفة
تأليف: جيل دولوز
ترجمة: حسين عجة
سنة الاصدار: 2022
غير متوفر في المخزون
![]() |
دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع |
---|
منتجات ذات صلة
الإنسان حيوان احتفالي : أبحاث في الثقافة والأنثروبولوجيا
الطبيعة ومابعد الطبيعة
المغالطات المنطقية : فصول في المنطق غير الصوري
نظريات الثقافة في أزمنة مابعد الحداثة
نيتشه – زارادشت : الإبداع بين الحرية واللاوعي
بقدر ما تكون متماهيًا مع لاوعيك تكون مبدع العالم، وعندئذ يمكنك أن تقول: «هذه ذاتي».
إذا قلت هذا نوري، يكون ذلك صحيحًا إلى حد معين: إنه في دماغك، وأنت ما كنت سترى ذاك النور لو لم تكن واعيًا له مع ذلك؛ فإنك ترتكب خطأ كبيرًا عندما تقول إن النور ليس سوى ما تنتجه أنت سيكون ذلك إنكارًا لواقع العالم.
بقدر ما تكون واعياً له، يكون ملكك، لكن الشيء الذي يجعلك تمتلك فكرة عما يصبح ما تدعوه بـ «الضوء» أو «الصوت» ذلك ليس ملكك ذاك بالضبط هو ما لا تمتلكه أنت، شيء من الخارج المجهول العظيم.
لذا فعندما يقول نيتشه، «هذه فكرتي، تلك الهوة السحيقة لي، إنها له فقط بقدر ما يمتلك كلمة لأجلها، بقدر ما يصنع تمثيلاً لها، لكن الشيء نفسه ليس له.
تلك حقيقة، ولا يمكنك أبدًا أن تدعوها بحقيقتك الخاصة.
أنت عالم كامل من الأشياء، وهي كلها مختلطة فيك، وتشكل مزيجًا رهيبًا، عماء؛ لذا ينبغي أن تكون سعيدًا جدًّا عندما يختار اللاوعي صورًا معينة ويدمجها خارج ذاتك.
الآن عندما يرى نيتشه الجانب السلطوي للأشياء، وهذا الجانب لا يمكن إنكاره؛ فإنه محق تمامًا بقدر ما يوجد سوء استخدام للسلطة.
لكنه إذا رآه في كل مكان في نواة كل شيء، إذا تسلل بوصفه سر الحياة حتى إذا رآه بوصفه إرادة الكينونة والخلق، فإنه يرتكب عندئذ خطأ كبيرًا.
عندئذ يكون معميًّا بعقدته الخاصة؛ لأنه يكون الإنسان الذي يمتلك مشاعر دونية، من ناحية أولى، ومن ناحية أخرى لديه عقدة سلطة ضخمة، فماذا كان نيتشه الإنسان في الواقع؟
كتاب نيتشه – زراديشت؛ الإبداع بين الحرية واللاوعي
عدد الصفحات :492
كارل يونغ
دار الحوار
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.